سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
وُلد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة في عام الفيل، وكان ذلك في الثاني عشر من ربيع الأول. نشأ يتيم الأب والأم، حيث توفي والده عبد الله قبل ولادته، وتوفيت والدته آمنة بنت وهب وهو في سن السادسة. كفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب.
عاش النبي محمد صلى الله عليه وسلم حياة بسيطة في بداية حياته، حيث عمل راعياً للغنم في صغره، وكان معروفاً بصدقه وأمانته بين قومه. تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وهو في سن الخامسة والعشرين، وأنجب منها جميع أبنائه ما عدا إبراهيم.
قصة إعادة بناء الكعبة: عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم في الخامسة والثلاثين من عمره، اجتمعت قريش لإعادة بناء الكعبة بعد أن تصدعت جدرانها. وعندما وصلوا إلى وضع الحجر الأسود، اختلفت القبائل حول من يضعه في مكانه. لحل هذا النزاع، اقترحوا أن يحكم بينهم أول من يدخل المسجد. وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أول من دخل. فوضع الحجر في رداء وطلب من رؤساء القبائل حمل الرداء معاً، ثم وضع الحجر بنفسه في مكانه.
البعثة النبوية
بدأ الوحي ينزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما كان في الأربعين من عمره، وذلك عندما كان يتعبد في غار حراء. وكانت أول آية نزلت عليه هي: "اقرأ باسم ربك الذي خلق". بدأت الدعوة إلى الإسلام سرًا، ثم جهر النبي بالدعوة بعد ثلاثة سنوات من بدء الوحي.
قصة نزول الوحي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعبد في غار حراء، فجاءه جبريل عليه السلام وقال له: "اقرأ". فقال النبي: "ما أنا بقارئ". ثم أعاد جبريل قوله مرتين حتى قال النبي: "ما أنا بقارئ". ثم قال له جبريل: "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم".
واجه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكثير من العذاب والاضطهاد من قبل قريش، ولكنهم استمروا في الدعوة إلى الله. أسلم عدد من كبار الصحابة في بداية الدعوة مثل أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب.
قصة إسلام عمر بن الخطاب: كان عمر بن الخطاب من أشد المعارضين للإسلام، ولكنه أسلم بعد أن سمع آيات من القرآن الكريم. ذهب عمر إلى بيت أخته فاطمة ليعرف حقيقة إسلامها، فسمعها تقرأ سورة طه. تأثر عمر بكلمات القرآن وطلب من أخته أن يقرأه بنفسه. وبعد قراءته، ذهب إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأعلن إسلامه.
الهجرة
عندما اشتد أذى قريش للمسلمين، أذن الله لنبيه بالهجرة إلى المدينة المنورة. وكان ذلك في السنة الثالثة عشرة من البعثة النبوية. استقبل أهل المدينة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالترحيب والأنصار.
قصة الهجرة: خططت قريش لقتل النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه علم بخطتهم وخرج من مكة ليلاً مع صاحبه أبي بكر الصديق. اختبأ النبي وصاحبه في غار ثور لمدة ثلاثة أيام. ثم واصلا الرحلة إلى المدينة. وفي الطريق، وقعت أحداث عديدة مثل حادثة سراقة بن مالك الذي حاول القبض على النبي ولكنه فشل.
كانت الهجرة حدثاً مفصلياً في تاريخ الإسلام، حيث بدأ المسلمون في بناء مجتمع جديد في المدينة. وقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، ووضع أسس الدولة الإسلامية الجديدة.
الحياة في المدينة
في المدينة، أسس النبي محمد صلى الله عليه وسلم الدولة الإسلامية الأولى. وبدأ ببناء المسجد النبوي، وآخى بين المهاجرين والأنصار، ووضع صحيفة المدينة التي نظمت العلاقات بين المسلمين وغيرهم من سكان المدينة.
قصة بناء المسجد النبوي: عند وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، اشترى قطعة أرض لبناء المسجد. شارك النبي بنفسه في نقل الحجارة وبناء المسجد. كان المسجد مركزاً للحياة الاجتماعية والدينية والسياسية في المدينة.
خاض المسلمون العديد من الغزوات والمعارك للدفاع عن الإسلام والمجتمع المسلم، وكانت أبرز هذه الغزوات: غزوة بدر، غزوة أحد، غزوة الأحزاب. كما عقد النبي محمد صلى الله عليه وسلم عدة معاهدات واتفاقيات مع القبائل المجاورة لضمان السلام ونشر الدعوة الإسلامية.
قصة غزوة بدر: كانت أول معركة كبرى بين المسلمين وقريش. على الرغم من أن المسلمين كانوا أقل عدداً وعتاداً، إلا أنهم انتصروا بنصر من الله. قتل في المعركة العديد من قادة قريش، وأسر المسلمون عدداً كبيراً من الأسرى.
قصة غزوة الأحزاب: تجمعت قبائل مختلفة للهجوم على المدينة، وحفر المسلمون خندقاً حول المدينة للدفاع عنها. حاصر الأحزاب المدينة لمدة شهر، ولكن بفضل حكمة النبي وتعاون المسلمين، تمكنوا من صد الهجوم.
الوفاة
توفي النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الثاني عشر من ربيع الأول في السنة الحادية عشرة للهجرة. ودفن في حجرة السيدة عائشة بجانب المسجد النبوي في المدينة المنورة.
قصة مرض النبي ووفاته: بدأ النبي يشعر بأعراض المرض بعد حجة الوداع، واستمر مرضه لعدة أيام. في أيامه الأخيرة، استأذن من زوجاته أن يبقى في بيت عائشة رضي الله عنها. عندما اشتد به المرض، جمع الصحابة وأوصاهم بالتمسك بالقرآن والسنة. وفي يوم وفاته، خرج النبي إلى المسجد وأمّ الناس في الصلاة ثم عاد إلى بيته حيث توفي.
كانت وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم حدثاً مؤلماً للمسلمين، ولكنهم استمروا في نشر الدعوة الإسلامية وتطبيق تعاليمه. وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم إرثاً عظيماً من القيم والأخلاق والمبادئ التي لا تزال توجه حياة المسلمين حتى اليوم.
المصادر
- البخاري، محمد بن إسماعيل. (1997). صحيح البخاري. دار ابن كثير.
- ابن هشام، عبد الملك. (2001). السيرة النبوية. دار الكتب العلمية.
- ابن كثير، إسماعيل بن عمر. (1998). البداية والنهاية. دار ابن كثير.